حال السلف في أيام عشر ذي الحجة و الأعمال التي كانوا يكثرون منها ويحرصون عليها في هذه العشر :

أولاً : ما ورد في فضلها: 1. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان يقال في أيام العشر : بكل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم قال - يعني في الفضل - شعب الايمان 3/ 358 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 54 /239 . 2. وعن الأوزاعي قال : بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ، ويحرس ليلها، إلا أن يختص امرؤ بشهادة . شعب الإيمان 3 / 355 . ثانياً: الاجتهاد فيها : فقد كانوا يجتهدون في العشر اجتهاداً عظيماً ، ومنهم : 1. سعيد بن جبير كان إذا دخلت أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه .سنن الدارمي 2/ 41 ، وشعب الإيمان 3 / 354 2. وعنه أيضاً أنه قال : لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر - تعجبه العبادة- ويقول: يقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة . سير أعلام النبلاء 4 / 326 . ثالثاً: صيامها: فقد روى أحمد فى - مسنده 5/ 271 )، وأبو داود ( وهذا لفظه ) فى ) - سننه 7/ 102 والنسائي فى سننه الصغرى 4/ 220 ، وصحح الألباني الحديث ، ينظر صحيح النسائي للألباني 2/ 499 . والحديث فيه اختلاف على هنيدة .وغيرهم عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس . وأما حال السلف في صيام العشر والترغيب في ذلك ، فقد ورد عن بعضهم ، ومنهم : 1.عن الحسن البصري أنه قال : صيام يوم من العشر يعدل شهرين . الدر المنثور ج 8 /501 2. وعن الأوزاعي قال : بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله، يصام نهارها ، ويحرس ليلها، إلا أن يختص امرؤ بشهادة .شعب الإيمان 3 / 355 . 3. وقال عبد الله بن عون : كان محمد بن سيرين يصوم العشر - عشر ذي الحجة كلها- فإذا مضى العشر ومضت أيام التشريق أفطر تسعة أيام مثل ما صام .مصنف ابن أبي شيبة 2 /300 4. وقال ليث بن أبي سليم : كان مجاهد يصوم العشر ، قال : وكان عطاء يتكلفها . مصنف ابن أبي شيبة 2 /300 . 5. وكان عيسى بن علي بن عبدالله بن عباس يصوم هذه العشر .المنتظم لابن الجوزي 7 / 353 . رابعاً : ذكر الله فيها : كان السلف - رحمهم الله- يكثرون ذكر الله في هذه العشر : 1. فقد قال مجاهد: كان أبو هريرة ، وابن عمر - رضي الله عنهما- يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ؛ فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك) - أخبار مكة للفاكهي 3 / 10 . 2. وعن ثابت البناني قال : كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج ، والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم يكبر الناس في الأسواق في العشر .أخبار مكة للفاكهي 3 / 10 3. وعن مجاهد أنه كره القراءة في الطواف أيام العشر، وكان يستحب فيه التسبيح ، والتهليل ، والتكبير ، ولم يكن يرى بها بأساً قبل العشر ولا بعدها .أخبار مكة للفاكهي 1 / 225 4. وقال مسكين أبي هريرة : سمعت مجاهداً ، وكَبّر رجل أيام العشر فقال مجاهد : أفلا رفع صوته ؛ فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد ، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الأبطح فيرتج بها أهل الأبطح، وإنما أصلها من رجل واحد . مصنف ابن أبي شيبة 3 / 250 . خامساً : تعظيمها عند السلف : كان السلف - رحمهم الله- يعظمون هذه العشر، فلا يحدثون فيها ذنباً ولا إثماً، حتى في ذكر الحديث الضعيف أو الحديث الذي فيه خطأ فهم لا يقومون به : 1. فقد ذكر البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة الرازي قال : سألت أبا زرعة عن حديث ابن أبي هالة في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم-, في عَشْرِ ذي الحجة ، فأبى أن يقرأه علي , وقال لي : فيه كلامٌ أخاف أن لا يصحّ ، فلما ألححت عليه , قال : فأخِّرْه حتى تَخْرُجَ العَشْرُ , فإني أكره أن أُحَدِّثَ بمثل هذا في العَشْر . يعني حديث أبي غسان عن جميع بن عمر( .سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي 2 / 550 – 551 . 2. وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبى يقول : أتيت يحيى بن معين أيام العشر ـ عشر ذي الحجة ـ وكان معي شيء مكتوب ـ يعنى : تسمية ناقلي الآثار ـ وكنت أسأله خفياً فيجيبني ، فلما أكثرت عليه ، قال: عندك مكتوب ؟ قلت: نعم ، فأخذه فنظر فيه فقال : أياماً مثل هذا ؟! وذكر الناس فيها ؟ فأبى أن يجيبني وقال : لو سألت من حفظك شيئاً لأجبتك ، فأما أن تدونه فإني أكره .الجرح والتعديل 1 / 317 . بل إن بعضهم كان يترك التعليم والتحديث لطلابه أيام العشر ، قال الأثرم : أتينا أبا عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – في عشر الأضحى فقال : قال أبو عوانة : كنا نأتي سعيد الجريري في العشر فيقول : هذه أيام شغل ، وللناس حاجات ، وابن آدم إلى الملال ما هو( .سؤالات الأثرم للأمام أحمد بن حنبل ص 39 . ومنهم من إذا دخلت العشر تشبه بالحجاج ، قال ابن جريج : أمر أبو جراب عطاء وهو أمير مكة أن يحرم في الهلال ، فكان يلبي بين أظهرنا وهو حلال ، ويعلن بالتلبية ، وكان أهل مكة فيما مضى على ذلك وفقهاؤهم يحبون أن يتجرد الناس في أيام العشر، ويتشبهوا بالحاج . أخبار مكة للفاكهي 2 / 335 . سادساً : تنويع العبادات عند السلف : كان السلف - رضي الله عنهم- ينوعون من العبادات في عشر ذي الحجة من أجل أن تستوعب أيام العشر أنواعاً من العبادات: 1. فقد قال عمر بن الخطاب: لا بأس بقضاء رمضان في العشر ..مصنف ابن أبي شيبة 2 / 324 . وقال ابن حجر في فتح الباري 4/ 189 : وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عمر أنه كان يستحب ذلك . 2. وكان الحسن البصري يكره أن يتطوع بصيام وعليه قضاء من رمضان إلا العشر ).مصنف ابن أبي شيبة 2 / 305 . 3. وقال صدقة بن يسار : سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما- يقول : عمرة في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي ، فحدثت به نافعاً فقال : نعم عمرة فيها هدي، أو صيام، أحب إليه من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام .شرح معاني الآثار 2 / 148 ، وانظر : مصنف ابن أبي شيبة 3 / 160 . 4. وقال عبد الله بن أبي مليكة : كان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما- يصلي الظهر ثم يضع المنبر فيجلس عليه في العشر كلها، فيما بين العصر والظهر يعلم الناس الحج .أخبار مكة للفاكهي 3 / 60 . 5. وعن أبي معن قال :رأيت جابر بن زيد وأبا العالية اعتمرا في العشر .مصنف ابن أبي شيبة 3 / 160 . 6. وكان الحافظ ابن عساكر يعتكف في شهر رمضان، وعشر ذي الحجة .تذكرة الحفاظ 4 / 1332. هذا، وأسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا لفعل الخيرات، وترك المنكرات في أيام العشر خاصة ، وفي بقية أيام السنة عامة ، كما سبق من أحوال السلف ، وأن نستغلها خير استغلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، هذا والله أعلم، و صلى الله عليه نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق